الجزائر تراهن على منصة SR5 بعتمادها على المسيرة الجديدة Feilong60A

عندما قررت الجزائر اعتماد نظام SR5 الصيني — وهو نظام راجمات متعددة العيارات طورته شركة Norinco — كان الهدف واضحاً: امتلاك منصة مرنة يمكن تطويرها لمواجهة التهديدات المتغيرة. فبفضل قدرته على إطلاق صواريخ من عيار 122 مم وحتى صواريخ تكتيكية باليستية من عيار 300 مم، جسّد الـ SR5 الطموح الجزائري لبناء قدرات مدفعية مرنة.

مع الكشف عن الذخيرة التسكعية Feilong‑60A في مارس 2025 — والتي صممت خصيصاً للإطلاق من نظام SR5 — تدخل الجزائر مرحلة جديدة من التطوير العملياتي والتكتيكي.

Feilong‑60A — طفرة تقنية في الذخائر التسكعية

الـ Feilong‑60A (وتعني “التنين الطائر”) هي ذخيرة هجومية انتحارية تجمع بين قدرات الاستطلاع والاستهداف والضرب في منظومة واحدة. بعد إطلاقها، تحلق الذخيرة بشكل ذاتي فوق منطقة العمليات، وتحدد الهدف ثم تنقض عليه دون الحاجة إلى تدخل مباشر من المشغل.

تتميز بتوافقها الكامل مع وحدات SR5: كل منصة تحتوي على وحدتين من الحاويات، كل منهما يحمل 6 ذخائر، أي ما مجموعه 12 ذخيرة جاهزة للإطلاق. تستخدم الذخيرة نظام توجيه ذكي — من المرجح أنه هجين بين الملاحة بالقصور الذاتي ونظام GNSS — إلى جانب شحنة متفجرة مخصصة للأهداف الخفيفة أو المتحركة.

يُقدّر سعر الوحدة بنحو 68,000 دولار أمريكي، وهو ما يجعلها أرخص بكثير من أنظمة غربية مماثلة مثل Switchblade 600 التي يبلغ سعرها تقريباً 180,000 دولار. وقد جرى اختبار الذخيرة في مناورات صينية خلال خريف 2025 في منغوليا الداخلية، حيث أظهرت قدرة على إصابة أهداف ثابتة ومتحركة في بيئات عملياتية نصف مفتوحة.

الجزائر — زبون مرشح ومستخدم جاهز

تشغل الجزائر نظام SR5 منذ عام 2017 على الأقل، وقد تأكد وجوده ضمن وحدات المدفعية التابعة للجيش الوطني الشعبي من خلال صور وتقارير مفتوحة المصدر. كان هذا القرار في حينه خروجاً عن الأنظمة الكلاسيكية كسلسلة BM‑21 واختيارات الناتو، واختياراً للمرونة وللاستقلال عن الموردين الغربيين.

تمثل Feilong‑60A فرصة للترقية الفورية دون تغييرات هيكلية أو عقائدية، بفضل توفر المنصات والبنية التحتية والموارد البشرية المدربة.

استراتيجياً، أبدى الجيش الجزائري حرصاً على امتلاك قدرات مناسبة للحرب غير المتكافئة والردع الإقليمي. ذخيرة تسكعية منخفضة التكلفة، عالية الدقة، يمكن إطلاقها من SR5، تُعد مكسباً في هذا السياق، خاصة في سيناريوهات مراقبة الحدود أو العمليات الوقائية أو استهداف عناصر غير نظامية.

 نحو تصنيع محلي واستعمال إقليمي؟

ترتبط الجزائر والصين بشراكة صناعية عسكرية عميقة تمتد لأكثر من عقدين. فقد أنشئت عدة منشآت لتجميع الأسلحة الصينية في الجزائر، من بنادق القنص إلى المدرعات وذخائر المدفعية. وهو ما يعكس الرغبة الجزائرية في بناء قاعدة صناعية دفاعية وطنية من خلال نقل التكنولوجيا.

وبناءً على هذا الواقع، يبدو من المرجح أن تشمل صفقات Feilong‑60A القادمة نقل تكنولوجيا جزئي أو كامل، على الأقل لتجميع الذخيرة محلياً. مما قد يجعل الجزائر مُصنِّعاً ومصدراً إقليمياً محتملاً لهذا النوع من الذخائر.

عملياتياً، سيكون استخدام هذه الذخائر فعّالاً بشكل خاص في المناطق ذات الكثافة المنخفضة للدفاع الجوي، مثل الحدود الجنوبية أو المناطق النائية. إذ توفر قدرة على تدمير قوافل أو مواقع لوجستية خفيفة بدقة وبتكاليف محدودة ودون بصمة واضحة.

لا تُعد Feilong‑60A مجرد ذخيرة تسكعية جديدة، بل تمثل مكوناً مكملاً في منظومة تسليحية موجودة بالفعل لدى الجزائر. ومع توسع الصين في تطوير ذخائر ذكية متوافقة مع نظام SR5، وتسارع الجزائر في بناء قاعدة تصنيع محلية، يبدو أن تبني FL‑60A بات مسألة وقت فقط. والسؤال المطروح: هل سيتم إنتاجها فعلاً داخل الجزائر؟

Comments

comments